تأملات في أساليب التربية

 تأملات في التربية

القسوة في التربية مريحة بصراحة
استعمال الخوف والتهديد بالعقاب والحرمان ناجع ويجلب نتائج سريعة واستجابة مباشرة فعلاً ، لا أحد يستطيع إنكار ذلك 
وإذا لم ينجح التهديد بالحرمان من جهاز والعقوبة بحبس الطفل في الغرفة نصّعد التهديد ليمتدّ للعنف اللفظي فينهال سيل من المسبات على الطفل .. طبعاً هذا علاج ناجح والكثير من الأطفال يرتدع عندما يعلو الصوت ويبدأ سيل الكلمات النابية والألفاظ البذيئة...
يبقى هناك قسم لا يرتدع ..  فهنا لنضمن تمام السيطرة على الأمور و لنثبت لأنفسنا قبل الجميع ولغيرنا أن الأمر في النهاية لنا ونحن المسيطرون وأصحاب الكلمة الأخيرة والقرار النهائي لنا ، نصعّد أكثر لنمتد للعنف الجسدي فيبدأ الضرب بالزنار والشحاطة وغيرها من الأساليب وبعد فترة يصبح لدى الطفل مناعة حتى من الضرب ولا يعود يرتدع لأي كلام ولا فعل وهنا نكون قد تمكنا من تحطيم ضميره تماماً وتحول إلى تمساح ذو جلد سميك لا يرتدع ولا يقنع إلا برأيه الخاص...
يرى الناس كلهم على خطأ وهو الوحيد المصيب .. 

لما استعملنا أساليب العنف المختلفة لتنفيذ أمر ما ، حققنا مرادنا على المدى القريب ، فالبعض استسلم ولو لوقت قصير للاضطهاد وتقبل سوء المعاملة وأصبح ضعيف الشخصية وإمعّة ينصاع بسهولة لكل أمر دون أن يحكم عقله ويبدي رأي الآخرين على رأيه الخاص فإن أمره أصدقاؤه بشرب الكحول أو إدمان المخدرات ينصاع بسهولة مقابل أن يكون متقبل في المجموعة ومحبوب 
منافق قد يقول أي كلام ليرضى المربّي ولكنه في قلبه غير مخلص

أما على المدى البعيد حتى مع ذلك الإمعّة ، ضعيف الشخصية، إذا طال عليه الأمد ، كل ما عملناه أننا زدنا قدرة الطفل على المقاومة والعناد وعدم الانصياع للأوامر… ووصلنا في النهاية لطريق مسدود
فهذا الأسلوب لا يؤدي إلا إلى تصاعد في العنف وينتج أفراداً غير متعاونين متعصبين لآرائهم الخاصة الشخصية 
لا يتقبلون أي أحد يخالفهم في الرأي حتى لو كان محقّا ومصيباً في قوله ويريد الخير ومخلص 
لا يؤمن هذا الطفل بإخلاص أحد ولا يثق بصدق الآخرين في المساعدة لأن تجاربه المبكره مع المربين علمته أن لا يثق حتى في أقرب المقربين منه ، والداه … فهما مصدر خطر بالنسبة له
فإن كان الوالدين غير مؤهلين للثقة فمن هو أهل للثقة بعد ذلك؟؟؟
يسىء هؤلاء الأطفال الظن بنوايا كل البشر ويترقبون السوء في أي لحظة من كل أحد .. 
يحيطون أنفسهم فقط بالأشخاص الذين يظهرون الولاء التّام لهم ولا يخالفون رأيهم أو مشورتهم ولا بكلمة ولكنهم في قرارة أنفسهم لا يثقون حتى بالمنافقين حولهم لأنهم يعلمون أنهم يظهرون الولاء بسبب الخوف وليس الحب … هم لا يؤمنون بوجود الحب .. فقط المصلحة فوق كل شيء

طيب ما الحل؟
إذا كانت القسوة تنتج إما أشخاصا منافقين إمعة
أو أشخاص متمردين لا ينصاعون لأي فعل أو كلام
ما الحل؟؟؟

الحل في كلمة … علّم لا تعّنف 

التعليم غير التعنيف 
إبتداءً وقبل كل شيء عليّ أن 
@ انظر لطفلي أنه إنسان مثلي وليس أدنى مني .. انسان له رأيه الخاص وهواياته الخاصّة واهتمامات قد تختلف عني وأن احترم هذا الاختلاف
@ عندما انظر لطفلي أراه مخلوق بريء لا يتعمد أن يغيظني ، لا يتعمد أن يسيء إليّ، لا يتعمد أن يؤذيني بل هو طفل لايزال يتعلم وفي سياق التعلم سيخطئ ، ربما لكن عن غير قصد 
هو طفل لايزال يستكشف هو بحاجه ليخطىء كي يتعلم ويقتنع من تجربته الخاصة مع إشراف المربي من بعيد طبعاً
@ بدل أن أعاقب عند أول خطأ .. افسح المجال .. اتركه يتعلم 
وإن لم يحرز تقدماً ممكن أشرح له فوائد هذا الأمر
لماذا طلبت منه كزا؟
ما الفائدة من كزا؟
ممكن ابحث معه في النت عن مقالات ومصادر معلومات تبين الغاية من الفعل المراد والحكمة وراء الأمر 
@استمع للطفل وأسمح له بالتعبير عن أفكاره ومشاعره وأشعره أني أسمعه وأريد أن أفهمه .. التفت إليه بكل كياني وأعطيه كل انتباهي 
ليشعر أنه مهم عندي وكلامه مهم ورأيه مهم 
@أعطيه مساحة لينفذ الأمر حسب وقته وقدراته وأراعي احتياجاته حتى يشعر أنه له مساحة من حرية الرأي
وهذا منهج رباني فالله سبحانه وتعالى لما فرض الصلاة ترك للإنسان مساحة لتنفيذ الأمر
ولما طلب من الناس الإيمان ترك لهم مساحة من الحرية في التجريب والتعلم والتمحيص والجدال حتى يأتي عن قناعة وليس إجبار
@أعطي ابني خيارات وأطلب منه يشاركني باقتراح حلول حتى يشعر أنه ساهم في اتخاذ القرار فيلتزم أكثر بالمطلوب
@ أقضي مع طفلي وقت نوعي ومسلّي لابني علاقة صداقة متينه ومحبه .. وأحاول أن ألبي كافة احتياجاته
وهنا أقصد الاحتياجات وليس الكماليات 
احتياجات كالغذاء والكساء والمسكن والطبابة والرعاية والمحبة والعطف
هنا فعلاً يبدأ الطفل بحب والديه ويحترمهما ليس عن خوف ولكن عن حب
يخاف أن يفقدهما وحريص على رضاهما لأنه شعر بأنه إنسان مهم ومقدر وله مساحة من الحرية… 
هذه الطريقة في التربية أصعب بكثير من للتهديد والعقاب وهي طريقة متعبة ومرهقة ولكنها تستأهل التعب
لأنك بذلك تنتج أشخاصا أسوياء ذو شخصية قوية ومتعاونين وإيجابيين والأهم من ذلك يريدون بحق الانتماء إليك

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مواساة

الممارس غلب الفارس

أنماط التفكير السلبي