إعادة برمجة الدماغ

بعد ما لاحظنا تفكيرنا وكم من المعتقدات أعتنقناها وهي ليست معتقداتنا الخاصة بل هي تابعة للآخرين .. حتى المجتمع بحد ذاته أورثنا كم من المعتقدات البالية من خلال الأمثال الشعبية .. ما أنزل الله بها من سلطان ولا أثنى عليها ديننا الحنيف .. 
(( هم البنات للممات )) مثلاً

بعد أن نراقب أنفسنا وأفكارنا من منظور الشخص الثالث .. نلاحظ أن تغيير المعتقدات ليس بهذه السهولة فلا يكفي أن نعكس الفكرة السلبية ونكرر التوكيدات الإيجابية مع أنها طريقة مقترحة ومتّبعة من البعض.

فلو قالت فتاة لنفسها " أنا جميلة "وهو عكس رأي أمها مثلاً هذا غير كافي ولا يحسن من حالتها الشعورية فوراً لأنها تؤمن إيماناً راسخا أنها قبيحة من كثر ما تكررت المواقف والكلمات الداعمة لهذه الفكرة في محيطها وعائلتها في الطفولة المبكرة فترسخ في الذهن كالنقش عالحجر ….
لذلك كان لا يكفي عكس الفكرة السلبية بل البحث عن أدلة داعمة للرأي المعاكس حتى يقتنع دماغي بالفكرة الجديدة
كأن تقول الفتاة لنفسها وهل رأي أمي يعكس رأي كل الناس .. أو هل رأي مجتمع ما يعكس رأي العالم كله .. الناس أذواق .. فلانه تحبني وتتقبلني كما أنا وفلان ….
كما أن الجمال مسألة نسبية وكل نادر وغريب يلفت النظر إذاً هو جميل .. نلاحظ في المجتمع الهندي معظم الناس سمر البشرة والبشرة الفاتحة نادرة لذلك كان يعتبر ميزة فريدة وعلى العكس في المجتمعات الأوربية هناك الشقار والعيون الملونة شيء عادي ومألوف ونلاحظ ما يعتبرونه هُم قمة الجاذبية السمار في اللون واللون الذي يميل الداكن … فالمسألة نسبية ومقاييس الجمال تختلف من مجتمع لآخر..  فالذي يُعتبر عادي في مجتمع ما يعتبر قمة الجمال في مجتمع آخر وإضافة إلى ذلك 
هل يحصر الجمال في الشكل؟؟ أيعقل أن أحصر قيمتي في شكل وركي أو شعري أو … الإنسان مجموعة متكاملة من تصرفات ومواقف وأخلاق وشكل ..  وليس فقط شكل !!!!
كأنه حصر إنسان في شكله تصغير من قيمته.. 
ولا ننسى كم فتاة جميلة ابتعد عنها الجميع بعد مااطّلعوا على سوء معاملتها للآخرين .. 
الجمال الأخلاق ..

مثلا كي أعيد برمجة فكرة أنا أنسى كثيراً
أحاول أن أبحث عن أدلة معاكسة لهذه الفكرة من واقعي 
فعندما ألاحظ أني لا أنسى القرآن الذي حفظته وكررته مراراً  ولكن أنسى درس الجغرافيا هنا أدرك أن السبب ليس في قدرتي على الحفظ ربما السبب أني لا أهوى الجغرافيا فقط 

مثلاً فكرة أنا إنسان فاشل … كم من المواقف تكررت وكم مرة قيل لي هذا الكلام من قبل أقرب المقربين .. فإذا قال الوالد لي أنا فاشل من منظور الطفل الصغير الوالد كلامه مُنّزلٌ وثقة وليس لدى الطفل الصغير الوعي الكافي أن يستوعب أن والده كان غاضباً في ذلك الحين من التوتر في عمله أو أن والده خائف من عدم قدرته على الإنفاق على الأسرة .. لا يملك الطفل الصغير هذا التحليل المنطقي بعد فيسقط كلام الوالد على نفسه ويعتنقه على أنه حقّ وهنا تبدأ المشكلة فأول مرة يحاول الطفل أو بعد ما يبلغ سن الرشد عندما يجرب شيئاً جديداً من الطبيعي أن يخطيء فيه بالأول عدة مرّات  لكنّه يقول لنفسه كلام أبي صحيح … أنا فاشل .. ولا يعيد المحاولة من جديد 
وهنا يدخل في حلقة مفرغة ودوّامة من التفكير السلبي ما يؤدي للاكتئاب فيفقد أي أمل من نفسه وييأس …

لأخرج من الإحباط أحاول أن أتذكر هل هناك أمر أبرع فيه .. هل قمت بعمل جيد من قبل؟
هل أنا بارعةٌ في الطهي أو هل أنا بارعٌ مثلاً في الزراعة فالشجر والزرع يخضر وينبت بسهولة بيدي ؟ 
إذا كان الجواب نعم .. إذاً لقد نجحت في عمل شيء أنا من قبل 
 بارعٌ في شيء … أنا لست فاشل في كل شيء لكني فشلت مرة أو مرتين أو عشرة هذا لا يعني أني سأفشل دائما  لبقية حياتي...

لو كنت أعتقد أنني إنسان فاشل ومهما عملت لن أنجح وأي مشروع أدخل فيه يبوء بالفشل وأنظر في واقعي وأرى فعلاً الكثير من الفشل في حياتي العملية والعاطفية 
كي أخرج نفسي من دوامة التفكير السلبي هنا أخلق لنفسي الدليل المعاكس
واختار شيئا سهلاً أستطيع أن أحققه 
هدف صغير أواظب عليه ومع الوقت أبرهن لنفسي أني لست بهذا السوء
مثلا أعاهد نفسي أن أسبح كل يوم بالمسبحة ١٠٠ مرة استغفار هذا هدف سهل التحصيل والمواظبة عليه مقدور عليه
أو أضع لنفسي هدف أن أمشي كل يوم عشرة دقائق 
أو أن أعدد كل يوم في الصباح خمس نعم أحمد الله عليها

وبعد شهر أستطيع أن أضيف هذا العمل إلى قائمة إنجازاتي لأفخر بنفسي وأبني معتقد جديد عن نفسي أني فعلاً أستطيع أن أتغير إذا أردت ذلك 
أنا لست ضحية لأقوال الآخرين .. أستطيع أن أخلق لنفسي عادات جديدة وأرسم لنفسي صورة أخرى
لا تستهينوا بشعور الإنجاز والتحسن في المزاج  بعد شهر من المواظبة على عملٍ ولو كان سخيفاً 

ولو باءت هذه المحاولات بالفشل ولاحظنا عدم قدرتنا على معرفة السبب وراء الإحباط والعجز بدقّة فهناك دائما إمكانية استشارة أخصائي نفسي ومعالج سلوكي ليسهل علينا المهمة ويساعدنا لنضع يدنا على مكان الوجع .. لنتمكن من معرفة السبب وتغييره...


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مواساة

الممارس غلب الفارس

أنماط التفكير السلبي