كيف نعالج المبالغة في لوم الذات

 لما ندرك أننا أخطأنا في حق أحدٍ يعتصرنا الألم وهذا الشعور المعروف بتأنيب الضمير هو شعور صحّي لأنه يساعدنا نعرف أين قصّرنا ونفكر بطريقة ما لتصحيح الخطأ 


هناك شعور آخر يمكن أن يعترينا لما نخطىء وهو الشعور بالعار والخزي وهذه مشاعر مضرّة ومؤذية للنفس

 لأن العار معناه  " أنا غلطة "

تأنيب الضمير أو الشعور بالذنب معناه "ارتكبت فعلاً غلطاً "


العار يقول "أنا غبي"

الشعور بالذنب يقول " تصرفت تصرفاً غبيّاً "


عند تأنيب الضمير يشعر الإنسان أنه ارتكب خطأً ويسعى للبحث عن طريقة ليصلح بها الخطأ


أما العار يُشعر الإنسان أنه  لا قيمة له ولا فائدة من وجوده وأنه يستحق العقاب والنفي ويحرّض على لوم وجلد الذات 

وفي الحقيقة فكرة أن الإنسان لا نفع منه أو لا خير فيه غير صحيحه لأن رب العالمين يقول في كتابه العزيز

"لقد كرّمنا بني آدم" 

فالإنسان مخلوق مُكرّم مهما كان عرقه أو جنسه أو لونه ومهما فعل طالما هو يتنفس فهناك فرصة للإصلاح


والشعور بالخزي والعار يجعل الإنسان يلجأ لطرق يتهرب بها من تحمّل مسؤولية الخطأ كي لا يعترف به 

اسمها آليات الدفاع عن النفس ونذكر بعضها


*التجاهل والنفي  denial : كأن ينفي الشخص تماماً أنه أخطأ أو أن الخطأ وقع أصلاً ويوهم الآخر أنه يتخيل


*إسقاط الخطأ على الآخرين: إلقاء اللوم على الآخر واتهام الآخر بأنه هو الذي أخطأ 


*التبرير والمنطقة المبالغ فيها : سرد الكثير من الحجج والبراهين التي تبرر له التصرف هذا فيعذر نفسه ويؤآخذها ولا يحمّل نفسه معاناة تصحيح الخطأ


وفي الحقيقة تأنيب الضمير وتصحيح الخطأ أمر ميسر بإذن الله لمن أراد ..  نقترح الطرق التالية


عالم النفس الشهير والمعالج الأُسري لأكثر من ثلاثين عاماً  العالم جاري تشابمان كتب كتاب "لغات الحب الخمسة"

وفي هذا الكتاب بيّن أن مشاعر المحبة مثل حساب في البنك وله رصيد وهناك خمس طرق أو لغات مختلفة يعبر بها كلّ شخص عن المحبة للآخرين أو يملأ بها رصيده ورصيد الآخرين

ولكل شخص لغة مفضلة أو طريقة مفضلة يعبر بها عن الحب :


1-لغة الهدايا

2-لغة كلمات التشجيع والإطراء

3-صرف وقت نوعي مع الآخر

4-تقديم الخدمات 

5-لغة اللمس 


كل نزاع أو مشاحنة أو انتقاد أو لوم أو تذمّر أو مقاطعة تنقص وتسحب من رصيد المحبّة في بنك الحبّ فمن أجل زيادة الرصيد لابد من الإيداع 


حسب لغة الحبّ المفضلة للشخص الذي اختلفت معه يمكنني الإيداع 

وأعرف لغته من الطريقة التي يُعامل بها الآخرين

إذا كان قليل الكلام لكنه يُحب الفعل يمكنني مثلاً أن أُقدم له خدمة أو مساعدة .. مساعدة في تنظيف البيت أو عمل طبخة معينة يُحبها مثلاً


لو كان الشخص يكثر من كلمات الإطراء والتشجيع هذا معناه أنه يحب الكلام الحلو فيمكنني أن أكلّمه بعض الكلمات التي ارفع بها معنوياته


لو كان يحبّ الهدايا أعطيه الهدية وهكذا أستطيع إعادة ملء حساب المحبّة بعد السحب من البنك


ولو كان المسحوب أكثر من الرصيد هنا لابد أن أصبر ريثما يتم إعادة التعبئة لأنه يستلزم وقتاً …


وبعد ذلك أسعى لأتفهم الأسباب التي جعلتني أرتكب خطأً ثم أسعى لمعالجتها حتى أتأكد من عدم تكراره


وفي الحقيقة مسألة تزكية النفس هو ليس منحنى متصاعد مستقيم ولكنه زيكزاك أي منحنى متصاعد متعرّج .. ممكن عدّة أيام أتحسن في تصرفاتي ثم أنتكس وهذا طبيعي فلا داع لجلد الذات ...

التقدم ليس خطاً مستقيماً تماماً .. المهم هو الاستمرار وعدم الاستسلام

لأن الحلم بالتحلّم والصبر بالتصبر كما أخبرنا عليه السّلام

مسألة تزكية النفس هي مسألة تدريب ومواظبة طويلة المدى …


يارب يوفق كل مجتهد لمّا يريد 3>


قال تعالى في كتابه الكريم

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (69)}













تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ينصح الأخصائيون النفسيون أن لا تستعمل عقلك لتهدئ نفسك

مواساة

أنماط التفكير السلبي